اختيار وكالة التسويق الأنسب: خطوات الاختيار
٢١ يناير ٢٠٢٥

هذه هي المحطة الثالثة في رحلتنا بعنوان «اختيار وكالة التسويق الأنسب». وبعد أن أجبنا في المقال الأول على سؤال: متى تُصبح بحاجة إلى وكالة تسويق؟ وفي المقال الثاني عن: ما هي المعايير التي يجب أن تعتمد عليها في اختيار وكالة التسويق؟ نأتي الآن إلى المقال الثالث لنجيب عن سؤال: ما هي خطوات وإجراءات اختيار وكالة التسويق؟
ولن نعتبره من نافلة القول أن نُذكِّرك بأهمية هذه الرحلة، إذ أصبح العمل مع وكالات التسويق أمراً ضرورياً لبعض الشركات، وليس بالضرورة، كما قلنا من قبل، أن يكون العمل في شكل تفويض كامل للوكالة. بل يمكن أن يكون التعاون في شكل مشروع واحد، أو تعاقد على استراتيجية واحدة، أو إنتاج محتوى بشكل معين. ولهذا السبب، نعتبر هذه السلسلة من أهم السلاسل التي يمكنك قراءتها والاطلاع عليها.
والآن، دعنا نبدأ ونجيب على سؤال مقالنا اليوم: ما هي خطوات وإجراءات اختيار وكالة التسويق؟
أولاً، تحديد معايير الاختيار
في مقالنا السابق، تناولنا بالتفصيل المعايير التي يجب أن تعتمد عليها لاختيار وكالة التسويق المثلى لشركتك. ولكن، دعنا نركز هنا على ثلاثة معايير أساسية لا يمكن تجاهلها:
– أهدافك التسويقية: ما هي الأهداف التي ترغب في تحقيقها؟ هل ترغب في إطلاق منتج جديد، أو رفع الوعي بعلامتك التجارية، أو زيادة المبيعات في شركتك التي تعمل في مجال التجارة الإلكترونية؟ يجب أن تحدد هدفك أولاً، لأنه سيتوقف عليه العديد من الأمور التي سنناقشها لاحقًا.
– إمكاناتك وقدراتك: بعد تحديد هدفك، يمكنك الآن طرح هذا السؤال: هل أمتلك الموارد المالية والبشرية والتكنولوجية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف؟ الإجابة على هذا السؤال ستساعدك في تحديد المعيار الثالث، وهو نوع وكالة التسويق.
– نوع وكالة التسويق: افترض أن هدفك هو إطلاق منتج جديد، وأنَّك تمتلك مدير تسويق قادر على وضع خطة ممتازة، وأدوات وتكنولوجيا متقدمة تمكنك من إطلاق الحملات وتتبع أدائها. ولكنَّك لا تمتلك فريقًا مبدعًا لإنتاج المحتوى، إذا، فنوع الوكالة التي تحتاجها هو وكالة إبداعية تتولى إنتاج هذا المحتوى.
هذه المعايير ليست شاملة، ولكنها الأهم. يجب عليك الرجوع إلى المقال السابق لتكوين قائمة شاملة بجميع المعايير التي ستساعدك في تحديد ملامح الوكالة المناسبة.
ثانيا، البحث والحصر والتنقيح
هذه هي الخطوة الثانية. بعد أن أعددت قائمة بالمعايير التي تهمك، حان الوقت للبدء في البحث.
يمكنك القيام بذلك ببساطة عبر محرك البحث جوجل، أو منصات التواصل الاجتماعي، أو حتى من خلال الأصدقاء وغيرها من وسائل البحث.
المهم عندنا هو ألَّا تتسرع في التواصل مع الوكالة فور العثور عليها. قد يؤدي ذلك إلى تشتت انتباهك وقد يجعلك تتخذ قرارًا متحيزًا أو يجعلك تشعر بالعجز في البداية. بدلاً من ذلك، افتح ملفًا واكتب فيه أسماء الوكالات التي وجدتها وأنواعها.
بعد حصر أكبر عدد ممكن من الوكالات، يأتي الوقت للخطوة التالية وهي التنقيح.
حاول في هذه المرحلة أن تستبعد أي وكالة لا تتوافق مع المعايير التي حددتها لنفسك مبدئيًا. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في وكالة إبداعية، فيجب استبعاد أي وكالة لا تقدم هذه الخدمة ضمن خدماتها.
هدف هذه الخطوة هو أن يكون لديك قائمة بأقل عدد من الوكالات الأقرب إلى احتياجاتك وأهدافك.
ثالثا، التواصل والتقييم
هذه هي الخطوة الثالثة، حيث يمكنك البدء في التواصل مع الشركات.
لكن قبل التواصل، ننصحك بالاطلاع على مواقع هذه الوكالات وحساباتها وتقييمات العملاء لها، بالإضافة إلى الاطلاع على ملفات أعمالها إذا كانت متاحة.
هذا الأمر مهم لتكوين صورة أوَّلية عن الوكالات وترتيبها تنازليًا بناءً على تقديرك للأفضل بينها.
بعد الصورة العامة عن كل وكالة، يمكنك الآن التواصل معها. وعند التواصل، يجب أن يكون هدفك دائمًا هو تنظيم اجتماع مع الوكالة، بدلاً من المراسلات عبر الواتساب أو البريد الإلكتروني، لأنها قد تكون مضللة.
عند الاجتماع مع الوكالة، من الضروري أيضًا أن تستعد بقائمة الأسئلة التي ستطرحها لتقييم الوكالة. يجب أن تشمل الأسئلة موضوعات مثل:
– عمر الوكالة في السوق
– إمكاناتها التكنولوجية والبشرية
– الصناعات التي عملت فيها
– الاستراتيجية التي تعمل بها
– شكل التواصل والعمل بعد التعاقد
– خطتها السعرية
السؤال الأهم من كل هذا هو: كيف ستحقق الوكالة هدفك التسويقي؟ هذا السؤال مهم جدًا لأنه يكشف عمَّا إذا كانت الوكالة لديها استراتيجية وخطوات واضحة أم لا.
وأخيرا، حدد أسئلتك بناءً على أهدافك واحتياجاتك وإمكاناتك.
رابعا، اتخاذ القرار
بعد اجتماعك مع جميع الوكالات، نأتي إلى الخطوة الرابعة، وهي الموازنة بين نقاط القوة والضعف لكل وكالة. هنا، يجب أن نُحذِّرك من اتخاذ القرار بناءً فقط على الشهرة أو السعر أو التقييمات، حيث يمكن تزييف هذه العوامل بسهولة. بدلاً من ذلك، يجب أن يكون اختيارك عملية مركبة تأخذ في الاعتبار جميع المعايير التي حددتها مسبقًا.
رتِّب هذه المعايير تنازليًا حسب أهميتها، وامنح كل معيار وزنًا نسبيًا حسب أهميته بالنسبة لك. ثم، من خلال مصفوفة التقييم امنح كل وكالة درجة من 5 في كل معيار. بهذه الطريقة، ستكون لديك صورة موضوعية- إلى حد كبير- عن الوكالة الأنسب لك.
خامسا، التفاوض والتعاقد
الآن، أمامك بين وكالتين إلى ثلاث وكالات تعتبرها الأنسب بعد التقييم. وقد حان وقت التفاوض معهم.
التفاوض ليس فقط حول السعر، بل يشمل أيضًا الأدوار والمخرجات. المهم هو ألَّا تحرق الأرض من تحتك، بمعنى ألا تبدأ التفاوض بعقلية الراغب في الحصول على كل شيء في مقابل لا شيء، أو العكس، أن تعطي الوكالة كل شيء. بل حاول دائمًا الحصول على أهدافك بأفضل تكلفة وبأفضل طريقة ممكنة.
بعد خوض جولات التفاوض وتحديد الوكالة التي ستتعاقد معها، من الضروري جدًا أن يكون التعاقد مكتوبًا، لأن العقد هو الذي يحمي حقوق الطرفين.
يجب أن يحتوي العقد على:
– وصف للمشروع
– تحديد دقيق للمخرجات
– مسؤوليات الطرفين
– التكاليف وطرق الدفع وجدولة الدفعات.
والأهم من ذلك كله، يجب أن يتضمن العقد متى يصبح هذا العقد لاغيا؟ سيحفظ هذا البند حقوقك ويحميك من الخسائر إذا كانت الوكالة ليست على المستوى المطلوب أو إذا كان تقديرك لها غير صحيح.
خاتمة
نود أن نذكرك بأن اختيار الوكالة التسويقية المثلى هو أمر حاسم ومهم. هذه المهمة يجب أن تتم بعناية وليس عشوائيًا أو اعتباطًا.
يجب أن تبذل جهدًا كبيرًا فيها، وأن تُشرك فيها جميع الأطراف المعنية والمتأثرة بهذا الاختيار.
وتذكر دائمًا أن الاختيار المثالي ليس موجودًا، وأن تستعد لقبول فكرة الاختيار الخاطئ. هذا أمر طبيعي، ومع مرور الوقت (حتى وإن كان هذا يكلفك)، سيصبح اختيارك أكثر دقة.